فصل: تفسير الآية رقم (21):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



أي أننا نسأل هو ابن مَن؟ ومعنى كلمة نسابة عند العرب هو الرجل الذي يعرف سلسلة النسب، ومَن ابن مَن، ففلان ابن فلان ابن فلان، ابن فلان. والإمام عليّ كرم الله وجهه، حين ينسب الإسلام ينسبه بالفعل إلى نسب لم ينسبه قبله أحد. وحين ينتهي الإمام عليّ كرم الله وجهه إلى أن نسب الإسلام إلى العمل قال: المؤمن يعرف إيمانه بالعمل، فالدليل الصحيح على إيمان المؤمن هو عمله. ويضيف الإمام عليّ كرم الله وجهه: والكافر يُعرف كفره بالإنكار، وإن المؤمن قد أخذ دينه من ربه، ولم يأخذه برأيه. والسيئة في الإسلام خير من الحسنة في غيره؛ لأن السيئة في الإسلام تغفر، والحسنة في غيره لا تُقبل؛ لأن الكفر يصاحبها بالله، هل هناك نسب للإسلام أروع من هذا؟ وهكذا نجد القول الكريم: {فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ}. والمقابل للإسلام يأتي بعد ذلك: {وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ} إن المقابل هو {تولوا} أي لم يسلموا، أنه الحق ينبه رسوله ألا يحزن، وألا يأسف إن تولوا، كما جاء في قوله الكريم: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَاذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف: 6].
لماذا؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عليه البلاغ فقط، وما دام قد جاء في صدر الآية: {أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ} فإن البلاغ أيضا يشمل النبي صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه، ولذلك تأتي آية أخرى لتشرح هذه القضية الإيمانية، ولتبقى الرسالة في أمته صلى الله عليه وسلم، ولتخبرنا أيضا لماذا لم يعد هناك داع لوجود أنبياء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمناء على أن يعدلوا فساد السلوك في الكون، فلم يعد العالم في حاجة إلى أنبياء جدد، ولهذا السبب قال الرسول: صلى الله عليه وسلم: «العلماء ورثة الأنبياء».
إذن {فعليك البلاغ} نأخذ منها الفهم الواضح أن البلاغ لا تنتهي مهمته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما يشمل كل عالم بالبلاغ الذي وصل إلى رسول الله وآمن به، فقد كان لهم في رسول الله أسوة حسنة، ويوضح الحق ذلك في آية أخرى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران: 110].
ويقول الحق في آية أخرى: {وَجَاهِدُوا فِي الله حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج: 78] ومعنى ذلك أنكم تشهدون على الناس أنكم أبلغتموهم رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن لم يقم بإبلاغ الناس برسالة رسول الله فهو لم يأخذ ميراث النبوة، وميراث النبوة كما يكون شرف تبليغ، فهو أيضا تجلّد وتحمل، إن ميراث النبوة يكون مرة هو نيل شرف التبليغ لرسالةً رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومرة أخرى يكون ميراث النبوة هو جلادة التحمل، في سبيل أداء الرسالة، وجلادة التحمل هي التي يجب أن يتصف بها أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، فكلما ورثناه نحن المسلمين في شرف النبوة فإننا نرثه في جلادة التحمل، وهذا هو معنى القول الحق: {لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [الحج: 78].
فما معنى الأسوة إذن؟ إن الأسوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم تقتضي أنه ما دام قد تحمل بجلادة بلاغ الناس في رسالته، فعلينا أيضا أن نقتدي به. لقد ناضل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى أتباع رسول الله أن يناضلوا في سبيل نشر الدعوة، فإن رأيت أهل الدين في استرخاء وترهل وعدم قدرة على النضال في سبيل البلاغ عن الله فلتعلم أن هؤلاء القوم لن يأخذوا ميراث النبوة. ولذلك إذا رأيت عالما من علماء الإسلام ليس له أعداء فأعلم أنه قد نقص ميراثه من ميراث الأنبياء.
لماذا؟ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان له أعداء وكان يواجههم، فساعة أن ترى رجل دين وله أعداء فاعرف أنه قد أخذ حظه من ميراث الأنبياء ولننظر الآن إلى قول الحق سبحانه تذييلا للآية يوضح لنا ما الإسلام: {وَالله بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} لم يقل الله: أنه عليم بالعباد، لأن عليم تكون للأمور العقدية، لقد قال الحق في وصف ذاته هنا: إنه بصير بالعباد، والبصر لايأتي إلا ليدرك حركة وسلوكا.
فماذا يرى الله من العباد؟ أنه سبحانه يرى العباد المتحركين في الكون، وهل حركة العبد منهم تطابق الإسلام أولا؟ ومتابعة الحركة تحتاج إلى البصر، ولا تحتاج إلى البصر، ولا تحتاج إلى العلم، وكأن الحق سبحانه وتعالى يقول: إن كنتم تعتقدون أني لا أراكم، فالخلل في إيمانكم، وإن كنتم تعتقدون أني أراكم فلم جعلتموني أهون الناظرين إليكم؟
إذن فقول الحق: {وَالله بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} نفهم منها أن الإسلام سلوك لا اعتقاد فقط، لأن الذي يُرى هو الفعل لا المعتقدات الداخلية. ومادام الله بصيرا بكل سكنات الإنسان وحركاته فإن الإنسان يستحي أن يراه ربه على غير ما يحب، وأضرب هذا المثل للتقريب لا للتشبيه فالحق سبحانه له المثل الأعلى وليس كمثله شيء، ونحن في حياتنا العادية نجد أن الشاب الذي يدخن يستحي أن يظهر أمام كبار عائلته كمدخن، فيمتنع عن التدخين أثناء تواجده مع الكبار، فما بالنا بالعبد وهو يعتقد أن الله يراه؟ وبعد ذلك يقول الحق: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ الله}. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{شَهِدَ الله أنه لا إله إلا هو وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إله إلا هو الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) أن الدين عِنْدَ الله الإسلام وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ الله فَإِنَّ الله سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَالله بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20)}.
أخرج ابن السني في عمل يوم وليلة وأبو منصور الشجامي في الأربعين عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن فاتحة الكتاب، وآية الكرسي، والآيتين من آل عمران {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائمًا بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم أن الدين عند الله الإسلام} و{قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء} [آل عمران: 26] إلى قوله: {بغير حساب} هن معلقات بالعرش. ما بينهن وبين الله حجاب يقلن: يا رب تهبطنا إلى أرضك وإلى من يعصيك. قال الله: إني حلفت لا يقرأكن أحد من عبادي دبر كل صلاة يعني المكتوبة إلا جعلت الجنة مأواه على ما كان فيه، وإلا أسكنته حظيرة الفردوس، وإلا نظرت إليه كل يوم سبعين نظرة، وإلا قضيت له كل يوم سبعين حاجة أدناها المغفرة، وإلا أعذته من كل عدوّ ونصرته منه».
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أبي أيوب الأنصاري مرفوعًا: «لما نزلت {الحمد لله رب العالمين} [الفاتحة: 1]، وآية الكرسي، و{شهد الله}، و{قل اللهم مالك الملك} [آل عمران: 26] إلى {بغير حساب} [آل عمران: 27] تعلقن بالعرش وقلن: أنزلتنا على قوم يعملون بمعاصيك فقال: وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني، لا يتلوكن عبد عند دبر كل صلاة مكتوبة إلا غفرت له ما كان فيه، وأسكنته جنة الفردوس، ونظرت له كل يوم سبعين مرة، وقضيت له سبعين حاجة أدناها المغفرة».
وأخرج أحمد والطبراني وابن السني في عمل يوم وليلة وابن أبي حاتم عن الزبير بن العوّام قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة يقرأ هذه الآية: {شهد الله أنه لا إله إلا هو} إلى قوله: {العزيز الحكيم} فقال: «وأنا على ذلك من الشاهدين يا رب». ولفظ الطبراني فقال: وأنا أشهد أنك لا إله إلا أنت العزيز الحكيم.
وأخرج ابن عدي والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه والخطيب في تاريخه وابن النجار عن غالب القطان قال: أتيت الكوفة في تجارة، فنزلت قريبًا من الأعمش، فلما كان ليلة أردت أن أنحدر قام فتهجد من الليل، فمر بهذه الآية: {شهد الله أنه لا إله إلا هو} إلى قوله: {أن الدين عند الله الإسلام} فقال: وأنا أشهد بما شهد الله به، واستودع الله هذه الشهادة، وهي لي وديعة عند الله. قالها مرارًا فقلت: لقد سمع فيها شيئًا، فسألته فقال: حدثني أبو وائل، عن عبدالله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يُجاءُ بصاحبها يوم القيامة فيقول الله: عبدي عهد إلي وأنا أحق من وفى بالعهد، أدخلوا عبدي الجنة».
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن حمزة الزيات قال: خرجت ذات ليلة أريد الكوفة، فآواني الليل إلى خربة فدخلتها، فبينا أنا فيها دخل علي عفريتان من الجن فقال أحدهما لصاحبه: هذا حمزة بن حبيب الزيات الذي يقرئ الناس بالكوفة قال: نعم والله لأقتلنَّه قال: دعه. المسكين يعيش قال: لأقتلنه. فلما أزمع على قتلي قلت: بسم الله الرحمن الرحيم {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائمًا بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم} وأنا على ذلك من الشاهدين فقال له صاحبه: دونك الآن فاحفظه راغمًا إلى الصباح.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال: في قراءة عبدالله {شهد الله أن لا إله إلا هو} وفي قراءته {أن الدين عند الله الإسلام}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {قائمًا بالقسط} قال: ربنا قائمًا بالعدل.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس {بالقسط} قال: بالعدل.
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال: فإن الله شهد هو، والملائكة، والعلماء من الناس {أن الدين عند الله الإسلام}.
وأخرج عن محمد بن جعفر بن الزبير {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم} بخلاف ما قال نصارى نجران.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {أن الدين عند الله الإسلام} قال: الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله، والإِقرار بما جاء به من عند الله. وهو دين الله الذي شرع لنفسه، وبعث به رسله، ودل عليه أولياءه. لا يقبل غيره، ولا يجزي إلا به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {أن الدين عند الله الإسلام} قال: لم أبعث رسولًا إلا بالإسلام.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال: كان حول البيت ستون وثلاثمائة صنم، لكل قبيلة من قبائل العرب صنم أو صنمان. فأنزل الله: {شهد الله أنه لا إله إلا هو} الآية. قال: فأصبحت الأصنام كلها قد خرت سجدًا للكعبة.
قوله تعالى: {وما اختلف} الآية.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {وما اختلف الذين أوتوا الكتاب} قال: بنو إسرائيل.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله: {إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيًا بينهم} ويقول: بغيا على الدنيا، وطلب ملكها وسلطانها، فقتل بعضهم بعضًا على الدنيا من بعدما كانوا علماء الناس.
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال: إن موسى عليه السلام لما حضره الموت دعا سبعين حبرًا من أحبار بني إسرائيل، فاستودعهم التوراة، وجعلهم أمناء عليه.
كل حبر جزء منه، واستخلف موسى عليه السلام يوشع بن نون، فلما مضى القرن الأول، ومضى الثاني، ومضى الثالث، وقعت الفرقة بينهم. وهم الذين أوتوا العلم من أبناء أولئك السبعين حتى أهرقوا بينهم الدماء، ووقع الشر والاختلاف. وكان ذلك كله من قبل الذين أوتوا العلم بغيا بينهم على الدنيا، طلبًا لسلطانها وملكها وخزائنها وزخرفها، فسلط الله عليهم جبابرتهم.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير {وما اختلف الذين أوتوا الكتاب} يعني النصارى {إلا من بعد ما جاءهم العلم} الذي جاءك أي أن الله الواحد الذي ليس له شريك.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله: {فإن الله سريع الحساب} قال إحصاؤه عليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {فإن حَاجُّوك} قال: إن حاجَّكَ اليهود والنصارى.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {فإن حاجُّوك} قال: اليهود والنصارى فقالوا: أن الدين اليهودية والنصرانية فقل يا محمد {أسلمت وجهي لله}.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير {فإن حاجُّوك} أي بما يأتون به من الباطل من قولهم: خلقنا، وفعلنا، وجعلنا، وأمرنا، فإنما هي شبهة باطل قد عرفوا ما فيها من الحق {فقل أسلمت وجهي لله}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {ومن اتبعن} قال: ليقل من اتبعك مثل ذلك.
وأخرج الحاكم وصححه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا نبي الله إني أسألك بوجه الله بم بعثك ربنا؟ قال: «بالإسلام» قلت: وما آيته؟ قال: «أن تقول: {أسلمت وجهي لله} وتخليت، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة. كل مسلم على مسلم محرم أخوان نصيران، لا يقبل الله من مسلم أشرك بعدما أسلم عملًا حتى يفارق المشركين إلى المسلمين، ما لي آخذ بحجزكم عن النار. ألا إن ربي داعيّ، ألا وإنه سائلي هل بلغت عبادي؟ وإني قائل: رب قد أبلغتهم، فليبلغ شاهدكم غائبكم. ثم أنه تدعون مقدمة أفواهكم بالفدام، ثم أوّل ما يبين عن أحدكم لفخذه وكفه. قلت: يا رسول الله هذا ديننا؟ قال: هذا دينكم وأينما تحسن يَكْفِكَ».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {وقل للذين أوتوا الكتاب} قال: اليهود والنصارى {والأميين} قال: هم الذين لا يكتبون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع {فإن أسلموا فقد اهتدوا} قال: من تكلم بهذا صدقًا من قلبه يعني الإيمان فقد اهتدى {وإن تولوا} يعني عن الإيمان. اهـ.

.سؤال وجواب:

فإن قيل: لم قال: {أسلمت ومن اتبعن}، ولم يقل: أسلمت أنا ومن اتبعن؟
قلنا: إن الكلام طال بقوله: {وَجْهِىَ للَّهِ} فصار عوضًا من تأكيد الضمير المتصل، ولو قيل: أسلمت وزيد. لم يحسن حتى يقال: أسلمت أنا وزيد. ولو قال: أسلمت اليوم بانشراح صدر، ومن جاء معي جاز وحسن. اهـ.

.تفسير الآية رقم (21):

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ الله وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

.قال البقاعي:

ولما أشرك اليهود في هذا الخطاب وأفهم شرط التولي بأداة الشك وقوعه، فتشوفت النفس إلى معرفة جزائهم أشار إليه واصفًا لهم ببعض ما اشتد فحشه من أفعالهم فقال: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ الله}.
وقال الحرالي: ولما كانت هذه السورة منزلة لتبيين ما اشتبه على أهل الإنجيل جرى ذكر أهل التوراة فيها مجملًا بجوامع من ذكرهم، لأن تفاصيل أمرهم قد استقرأته سورة البقرة، فكان أمر أهل التوراة في سورة البقرة بيانًا وأهل الإنجيل إجمالًا، وكان أمر أهل الإنجيل في سورة آل عمران بيانًا وذكر أهل التوراة إجمالًا، لما كان لبس أهل التوراة في الكتاب فوقع تفصيل ذكرهم في سورة {الم ذلك الكتاب} [البقرة: 1، 2]، ولما كان اشتباه أمر أهل الإنجيل في شأن الإلهية كان بيان ما تشابه عليهم في سورة {الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم} [آل عمران: 1، 2] فجاء هذا الذكر لأهل التوراة معادلة بينهم وبين أهل الإنجيل بما كفروا بالآيات من المعنى الذي اشتركوا فيه في أمر الإلهية في عزير واختصوا بقتل الأنبياء وقتل أهل الخير الأمرين بالقسط؛ انتهى.